الخميس، ١٩ فبراير ٢٠٠٩

من كتاب "مدمني الجنس المجهولين"


المشكلة

إن تطور إدمان الجنس شديد وحتمي. في أي مرحلة من مراحل حياتنا عندما نكون غافلين عن مدى انسياقنا وراء الجنس و رافضين رؤية إلى أين يقودنا، فإننا نصبح مثل أشخاص مستهترين يستقلون قارباً صغيراً منحدرين في نهر المتعة، غير مدركين القوة المرعبة التي في منحدرات النهر ودواماته. إننا في البداية ندمن الحب والجنس، ثم نقف عاجزين أمامهما ونظل نأخذ من الآخرين أو من الوسائل البصرية ما نحاول به أن نملأ الفراغ والاحتياج الذي بداخلنا. ولأن هذا الفراغ لا يمتلئ، نبدأ في أن نقول لأنفسنا مرة بعد الأخرى، أن خبرة جديدة مع شخص آخر سوف تأتي إلينا بالحل المنشود، ودقائق من الإثارة ونسيان الهموم والضغوط أمام شاشة تقدم صوراً جميلة ومثيرة يمكن أن تجعلنا نشعر بالانتعاش مرة أخرى ونهرب من الألم والملل. وهكذا نجري وراء سراب لا يجيء وبالفعل نفقد حياتنا.

إدمان الجنس

يكشف إتجاه البحث في هذا الموضوع أن مفهوم الإدمان يشهد عملية تحول حتى أن بعض الباحثين يعترفون أنهم يجاهدون عبثاً لمعرفة حقيقة الإدمان. فإنه يبدو أننا كلما عرفنا عنه كلما كان هناك المزيد الذى نحتاج أن نعرفه. نحن نحتاج هنا إلى الاتضاع وفحص النفس. إننا في هذا الكتاب نتكلم من منطلق خبرتنا التي شهدناها خلال رحلة التعافي.

إننا نحن نشعر أننا نحتاج إلى إعلان عميق وقوي يكشف لنا حقيقة حالتنا ويسهل علينا عملية التعافي. لقد كنا عميان عن حقيقة أننا نعيش في حالة من المرض. والآن حتى بعد أن بدأنا في الإفلات قليلاً من قبضة الإدمان من خلال ممارستنا لعملية التعافي، إلا أننا لا ينبغي أن ننسى أبداً حقيقة أنفسنا، فلو كنا ندرك القليل عن هذه الحقيقة من البداة لكنا قد استطعنا تجنب سنوات طويلة من الكرب الشديد ولكنا جنبنا الكثير من الآخرين ويلات جنوننا هذا. والآن إذا استطعنا أن نساعد أشخاصاً آخرين ممن يدمنون الجنس أن يفهموا حقيقة ما يفعلون بأنفسهم وبالآخرين ونشجعهم على الانضمام لمجموعات تعافي قبل أن يصل مرضهم إلى المرحلة السيئة التي وصل إليها الكثيرون منا، فإننا في الواقع سنكون سعداء بهذه النتيجة.

المظاهر العامة للإدمان

لقد كشفت خبراتنا عن ثلاثة مظاهر تتماثل في كل أنواع الإدمان: الاحتمال و الامتناع و الانسحاب. ولو أختبر أي إنسان هذه المظاهر الثلاثة في أي من جوانب حياته، فإنه يعتبر مدمناً. وعندما نطبق هذا المفهوم على أنفسنا، سنجد أن جميعنا متماثلين في إدماننا للشهوة، أو الجنس، أو العلاقات، أو مزيج من هذه الإدمانات.

الاحتمال

تشير هذه الكلمة إلى ميل الشخص لأن يحتمل المزيد "المخدر" الذي يتعاطاه أو النشاط الإدماني الذي يمارسه مع تأثير أقل. ومن هنا يكون شعوره بالاحتياج إلى زيادة الجرعة لاسترجاع التأثير المطلوب والحفاظ عليه. إن الأمر بالنسبة لنا كمدمنين للجنس، أكثر من مجرد عقاقير. إننا نحتاج إلى المزيد من الأفكار المليئة بالسيطرة والاستحواذ والتفاعل الجنسي والعاطفي ، وعندما يتضاءل حجم التأثير الذي نحصل عليه من هذه الأمور، فإننا نلجأ إلى المزيد من العلاقات والمغامرات والممارسات مع محاولة تنويعها. على سبيل المثال، كنا في البداية نعتمد على خيالاتنا وذكرياتنا أثناء ممارسة العادة السرية، أما الآن فنحن نستخدم مواد مصورة مختلفة ومواقع الانترنت والأفلام والدردشة باستخدام كاميرات الحواسب الآلية (الويبكام) وغيرها. قد يبدأ الأمر بموعد عاطفي رومانسي، ثم عادة ما يتصاعد إلى طلب المزيد والمزيد وتتحول العلاقة إلى علاقة جنسية، ثم مع الوقت نشعر بالملل ونبحث عن علاقة أخرى وأخرى وهكذا. ولا تقف الأمور عند هذا الحد ففد عرضتنا رغبتنا المستمرة للمزيد من الإثارة إلى ممارسات متهورة دون مراعاة أي قواعد ودون حماية أنفسنا أو الآخرين من الأخطار سواء الصحية أو المجتمعية أو القانونية.

الامتناع

تشير كلمة الامتناع إلى الظاهرة التي فيها يحاول المدمن الإقلاع عن النشاط الإدماني. ربما علينا أن نسميه محاولات الامتناع. هناك شيء ما داخلنا يحثنا على التوقف فكم من مرة أقسمنا وتعهدنا أمام أنفسنا وربما أمام آخرين أن نقلع عما نحن فيه. كم مرة قلنا إنه علينا أن نتوقف؟ كم مرة حاولنا فعلياً التوقف؟ بعضنا كان "يتوقف" بعد كل مرة يمارس فيها سلوكه الإدماني؟ ثم يعاود الرجوع وبعد ذلك يحاول التوقف مرة أخرى وهكذا.

الانسحاب

إن تعبير "الانسحاب" ينطبق على أعراض يختبرها المدمن عندما يترك المخدر أو يقلع عن ممارساته الإدمانية. من الممكن أن تظهر هذه الأعراض على الجسد أو المشاعر أو على كليهما. هذه الأعراض تجعلنا نصدق الخدعة التي بداخلنا والتي تقول "لقد ولدنا لممارسة الجنس" وهذا لا يكاد يختلف عن مدمن المخدرات الذي يشعر بأنه سيموت إن لم يتناول جرعة المخدرات. لكنه ببساطة اعتقاد غير حقيقي، فإن عدم إشباع هذا الجوع المبالغ فيه لن يؤدي بنا إلى الموت.

كانت بداية تعافينا والمرحلة الانتقالية بين الحياة في الإدمان والحياة في التعافي، بمثابة حالة من الصدمة فكان علينا أن نعيش أساليب في الحياة جديدة وغير مألوفة. كان الأمر بالنسبة لنا كمن يقود سيارة في بلد أجنبي دون أن يعرف لغة هذه البلد أو عاداتها أو قوانين المرور فيها!

لقد كان التعافي مجال جديد جداً بالنسبة لنا، فبدون الممارسة الإدمانية للشهوة، بدأنا في التعرف على أنفسنا من جديد و إدراك ما يحدث بالفعل داخل نفوسنا. إن تعديل كل هذه الأمور يحتاج إلى وقت، كما أن تعضيد الآخرين في المجموعة يعتبر أمراً حيوياً. إن السير في طريق هذه الرحلة معاً يعمل على إزالة الخوف من الانسحاب. لقد وجدنا أن هؤلاء الذين ساروا أمامنا في طريق التعافي قد اكتشفوا أن الجنس في الواقع هو أمر اختياري، وذلك بمجرد أن تنازلوا عن رغباتهم وتوقعاتهم الجنسية. كما أن راحتهم وفرحهم حقيقيين؛ و هم يعيشون حياة طبيعة مشبعة. حتى الأعضاء المتزوجين اكتشفوا أن بإمكانهم اجتياز فترات من الامتناع الاختياري عن ممارسة الجنس مع شركاءهم لكي يتحرروا من الشهوة، وقد وجدوا أن هذه الخبرات فعالة ومجدية. نعم هناك حياة بعد ترك الشهوة. كما أن هناك حياة بعد الإقلاع عن إدمان الجنس.

هناك ثلاثة مظاهر إضافية في عملية الإدمان يجب أن ندرسها بعناية وهي: التسمم، التأثيرات الجسدية والنفسية الضارة، ومسببات الإثارة.

التسمم

إن معظم الناس يدركون التفاعلات السامة الناتجة عن سوء استخدام الكحوليات مع المخدرات. لقد أصبح واضحاً بالنسبة لنا نحن أيضاً أن هناك ما يمكن أن نطلق عليه "تسمم الشهوة" وبالذات عندما بدأنا طريق التعافي. لقد ازداد وعينا بالتأثيرات السامة التي للشهوة على طريقة تفكيرنا وسلوكنا. لقد سمعنا أعضاء يقولون "إنني أعاني من فرط الحساسية تجاه الشهوة". ونحن ندري كيف يحاول الشخص أن يصف مفعول التسمم الذي حدث له حتى عندما يمارس النظر أو التخيل دون أن يخرج إلى إطار الممارسة.

إننا في طريقنا للتعافي، نجد أنه بمجرد أن ننسحب بعيداً عن الشهوة لبعض الوقت، ثم نفسح لها المجال لتعود إلينا مرة أخرى، فإننا سريعاً ما نشعر بتأثيرها السام، ويكون هذا الشعور قوياً. من الممكن أن نتناول قدر أقل مما كنا نستطيع احتماله من قبل، ولكن حتى هذا القدر القليل، ينشأ عنه اضطراب شديد. إن إدماننا للجنس لا يظل ثابتاً دون تطور؛ بل يذهب دائما إلى الأسوأ.

ـ "لقد كان من الممكن أن أرى منذ خمسة أعوام فتاة ترتدي مايوه بكيني على لوحة الإعلانات ولا يزعجني ذلك؛ أما الآن، فمن الممكن أن تجعلني أنهار وأن أفقد أيضاً عقلي بسببها".

ـ "إن الشهوة تصيب كل كياني بضربة مدوية. فأنا أفقد اتزاني، وقدرتي على التحكم، وأحتاج أيضاً إلى العلاج كمن يعالج من تأثير سم". (ملحوظة: هذه الاقتباسات مأخوذة من كتاب "مدمنو الجنس المجهولين، في الماضي والحاضر").

الآثار الجسدية والنفسية الضارة

من ذا الذي يستطيع أن يخبر بجميع الآثار الجانبية التي تنتج عن إدمان الشهوة، أو الجنس، أو العلاقات؟ إننا ما زلنا نتعلم. من الآثار الواضحة هي ظهور مرض من مجموعة الأمراض المنقولة جنسياً. البعض منا قد وجدوا أن العجز الجنسي أو البرودة الجنسية هما أيضاً من نتائج إدمان الجنس، لكننا لا نزال في بداية اكتشاف نطاق واسع من الآثار الأخرى التي ترافقنا خلال هذه الأسلوب المنكوب للحياة. في طريق الدمار الجنسى والوجداني، يمكننا أن نجد الانحصار في النفس؛ كراهية النفس؛ عقاب النفس؛ الغضب والاستياء، فقدان السيطرة على المشاعر؛ العزلة؛ تناقص القدرة على الاتصال بالآخرين؛ تناقص القدرة على التركيز؛ وأيضاً تناقص القدرة على الأداء في العمل والعلاقات وغيرها.

إن إدماننا للجنس قد فتح الباب إلى حشد من الاضطرابات العقلية والعاطفية والروحية تلك الاضطرابات التي تأتي نتيجة التطور المستمر في إدماننا. بمجرد أن تبدأ عملية التعافي. فنبدأ أن نشعر بالتحسن جسدياً وعاطفياً وروحياً وذلك عندما يكون الاتزان ومبادئ الخطوات لهما فاعلية في حياتنا اليومية.

هناك تعليق واحد:

حلم عميق يقول...

من جديد د/ اوسم .. عوده رائعة باختيار موفق

لكن هناك شيئا كنت احتار فيه دائما .. فحينما اترك للجنس العنان للتحكم بي للحظات اري اني اتحول لاله متحركة لاشباع لذه ما .
فبعد اتخاذ قرار التعافي وبعد الصبر في المشي في هذا الطريق قد اترك للجنس بعض الدقائق ليسير مكاني الطريق وافيق بعد عده دقايف اري اني ماولت اقف مكاني وبعض المرات قد ارجع من حيث بدأت

بالبحث في هذه المقاله وجدت اني كنت مدمن للجنس لكن لم اتوصل للحل السريع المناسب في حاله ضعفي والاستسلام للجنس حتي ولو كانت عاده سريه كيف ابعد الفكرة عندما تأتي ..

واتذكر اللحظات الجميله عندما انشغل وابعد تلك اللحظة وعلي مدي تهنئتي لنفسي بالانتصار ومسيرة جيده للتعافي

اختيارك رائع يادكتور / اوسم

منتظرين رؤيتك بفارغ الصبر لنراك ونشكرك كما تعودنا

 
google-site-verification: google582808c9311acaa3.html