السبت، ١٠ أبريل ٢٠١٠

خطاب رامي لحنان . قصة حقيقية


حبيبتي حنان
في هذه الرسالة سأشاركك بالجزء الأكثر سواداً وألماً من حياتي ... لا أعلم من أين أتت الشجاعة حتى أقوم بذلك في هذا الوقت ... ربما أتتني الشجاعة من يقيني الكامل من حبك ... وبالرغم من ذلك فأنا خائف لأن ما سأقوله ليس بالسهل.
قبل أن أبدأ أريد أن أخبرك أنك أول بنت تعرف بما حدث ... وأشكر الله لأنه أعطاني الشجاعة لمشاركة الكثير ممن أحب كوجدي  وجون ونادر وحبيب والقس سامح والدكتور أوسم وصديقي ديفيد وأخيرأ سمعان وأيمن مسعد وموسى وتامر عياد وسامي مجدي وقد كان لكل واحد من هؤلاء دور مختلف في مشواري.
تعليق 1:
من يتعافون بشكل جيد وسريع وتنمو لديهم ذكورة نفسية بسرعة وينجذبون للجنس الآخر هم من كونوا شبكة كبيرة من العلاقات مع ذكور غيريين من نفس السن ومن سن أكبر (علاقات أبوية) ومن علاقات مع مهنيين (أطباء ومعالجين) وقادة دينين وأشخاص عاديين.

(لم أرغب بمشاركة ريمون لأنني أريد أن أخبرك بنفسي ولا أريد أن يصلك الموضوع بأي طريقة).
اسمحي لي أن أسرق طريقتك في الرواية لأنها أعجبتني كثيراً.
القصة يا حنان  بدأت مع الطفل رامي  الذي كان عمره لم يتجاوز الأشهر ... حينها كان يبكي بطريقة مستمرة في الليل. لا أعلم ماذا كان يحتاج ... ولكنه لم يكن مرتاحاً ... أتساءل ماهي أحسن طريقة للتعامل مع هذا؟ ربما الاحتضان؟ ربما القبل؟  ربما الغناء بصوت خافت؟؟؟ اه لقد نسيت فطريقة جون والد رامي  كانت مختلفة للتعامل مع الموقف. لقد قام برمي رامي  ذي الأشهر القليلة من سرير إلى سرير بكل غضب وعصبية..  وهكذا سكت رامي ! وربما كان الدرس الأول له بأن الحياة سترميه كثيراً .. وأن الأحضان والقبل ليست بالمتناول.
تعليق 2:
الطفل المعرض للمثلية طفل حساس احتياجه للحب والتلامس أكبر من المعتاد.
سكت رامي (الانفصال الدفاعي) defensive detachment  وفقدان الأمان الأساسي basic trust  (الحياة سترميه كثيراً والاحضان والقبل ليست بالمتناول) ... ربما فقط في الجنس!
بدأ رامي  يكبر. وبدأ يكبر احتياجه العميق للحب الذي ربما نبع من شخصيته الحساسة جداً. وفي كل مرة كان يشعر بجوع للحب كان يأكل بدل منها وجبة دسمة من التأنيب أو الضرب. بالنسبة لجون إنها الطريقة الوحيدة حتى يكبر رامي  بطريقة صحيحة ومهذبة.
أخيراً تكلم رامي . ولكن؟؟ ماذا يحدث؟؟ ياه!! لقد تحولت السنوات الأولى من حياته المليئة بالتوتر إلى تأتأة ... رامي  يتأتئ! وما الحل؟؟؟ مرة أخرى نجد الحلول عند جون ... فهاهو يقولـ تكلم ببطء!(بصيغة مليئة بالغضب) .... أو .. احكي شوي شوي مين لاحقك بعصا ... كل شيء طبعاً إلا الحب...
ومازاد الأمر سوءاً هو سخرية أصدقاء المدرسة ... التي زادت شعور رامي  أنه لا يجب أن يتكلم.. كلامه غير مقبول.. إنه لا يجيد الكلام!

تعليق 3:
السخرية من الأقران والاضطهاد من الأخ الأكبر عامل متكرر في قصص تكون الميول المثلية

قصة رامي  لم تبدأ بعد يا حنان .. فكل ما سبق كان مقدمة للمصيبة ... كل ما سبق جعل رامي  منفصلاً عاطفياً وبشكل كامل عن أبيه جون ... ولكن من أين سيأكل؟؟؟ أين وجبة الحب؟؟؟  إنها موجودة ... مريم والدة رامي  و جميلة جدته هما العنصران الجديدان في قصتنا .. فهاتين كانتا المصدرين الذين قدمتا لرامي  الوجبة المغشوشة من الحب...
لماذا مغشوشة؟؟؟ مغشوشة لأن احتياج الصبي رامي  كان لوجبة الحب الذكورية من أب يحبه ويحتضنه ويلعب معه كصبي .. كذكر ... كرجل صغير... ولكن هذا لم يحدث ... وعوضاً عن ذلك جلس رامي  مع أمه وجدته وخالاته وأصدقاء جدته طوال الوقت ... وبدأ يستمتع بأحاديثهم ... ويألف طريقتهم ... ويستأنس بصحبتهم .

تعليق 4 :
بالضبط! عندما يتعامل الأب مع ولده الصغير على أنه رجل صغير (مشروع رجل) يبدا مشروع تكون الذكورة النفسية لدى الطفل والابتعاد عن الأم وعن الأنوثة (هذا الابتعاد يهيئ المسرح فيما بعد لنمو الميول نحو الإناث).

وامتزجت حساسية رامي  الوراثية مع بيئة رامي  المريضة المكتسبة ... تآمر الوراثي مع المكتسب لتدمير هذا الطفل الذي بدأ ينضج ويبلغ ويراهق ... وما ساعد المؤامرة هم أصدقاء المدرسة الغالين .... فالآن لديهم شيء آخر غير التأتأة ...ـ أنت ناعم مثل البنات ... إلعب بالكرة مثلنا.... رامي  نواعم .... وطبعاً كان لابد أن يسمع نفس هذه الكلمات العذبة من جون.
اااه يا حنان ... كم يكره رامي  هذه الفترة ...
أنا أعلم أنك تأخذين نفساً عميقاً الآن .... وأعتقد أن دموعك بدأت تتجمع في أمكان هطولها .... انتظري .. خبئيها .. فالأسوأ قادم.

مع بداية النضوج الجنسي بدأ رامي  يشعر أن هناك شيئاً ما ليس على مايرام ...
 كان يقول لنفسه أنت صبي يا رامي  صح؟
ـ صح ! ...
أنت ذكر صح؟
ـ صححح!! ...
من المفروض أن تنجذب للبنات صح؟؟
ـ صححححح!!! ...
هههه تذكرت الآن ترنيمة ـ إيه هو الصح وفين نلاقيه؟؟؟ لأن الصح وقتها لم يحدث!!... ووجد رامي  نفسه ينجذب للذكور بدل البنات .... وجد نفسه يشعر بتوتر جنسي مع الصبيان ... إنه لم يختر ذلك ... إنه لم يرد ذلك ... ولكنه ببساطة حدث رغماً عنه كما حدثت أول رمية له من على السرير....

تعليق 5:
البداية بالشعور بالتوتر وعدم الارتياح مع الذكور. بسبب عدم التوحد معهم في سن ما قبل البلوغ والتوحد مع الإناث بدلاً منهم. بعد ذلك يكون الجنس هو الحل السحري للتوتر!
ما الحل؟؟ الحل وجبة مغشوشة جديدة من الحب .. هذه المرة كانت الوجبة هي تفوق رامي  الدراسي ... قد تقولينـ هذا رائع! نعم هذا رائع ولكن ليس لتغطية مشكلة وزيادة إنكارها ... تفوق رامي  كانت الركيزة التي بنى قيمته عليها في ذلك الوقت ... وكان يهرب من مشكلة انجذابه الشاذ بأن يقولـ أنت أحسن من الكل! أنت أشطر من الكل! ستكبر وتدخل أحسن جامعة وحينها سيتغير موضوع انجذابك الجنسي!
وهكذا زاد الإنكار ... زاد الكبت ... زاد الكذب .. وزاد مع هؤلاء التآمر بين حساسية رامي  مع بيئة المنزل مع تفوق الدراسة وتميزها بشكل كبير.

تعليق 6:
الإنكار ، الكبت، التفوق ، الإمعان في الهوية المثلية أو القضية المثلية كلها تعيق التغيير

عام ألفين وواحد كان عاماً مختلفاً جداً ... في هذا العام نجح رامي  في الثانوية العامة وكان الأول على مدرسته بامتياز .. ومجموعه سمح له أن يدخل كل الكليات الأردنية . وترافق هذا العام بأهم حدث في حياة رامي ..
صوت بعيد خافت ..
ـ رامي  .. رامي .. أنا أحبك حقاً ...
ـ من أنت؟؟؟ أنا لا أستحق الحب ... اه نعم تحبني لأني شاطر ومتميز ....
ـ رامي  ... أنا أحبك دون أن تكون شيئاً ...
ـ من أنت؟؟؟؟؟
ـ أنا يسوع المسيح . تعال إلي..
واستجاب رامي  بسرعة ... أتى رامي  إلى المسيح في هذه السنة. وبدأ يسمع العبارات الطنانةـ المسيح يغيرك ... المسيح يشفيك .. المسيح يحررك ... فقط آمن ...
وااااااااو أخيراً وجد الحل ... وجد من يحبه حقاً .. وجد من يقدر أن يحرره ... وبدأ رامي  يصلي ويصلي ويصلي ويصلي... ويبكي ويبكي لمدة 5 سنوات متواصلة بعد ذلك ... ولكن!!! لم يحدث شيء ... أين المشكلة؟؟؟ رامي  يؤمن بأن المسيح يقدر ... ولكن لم يحدث شيء!! أين المشكلة؟؟؟ لا بد أن المشكلة عند رامي  ... لا.. إن المسيح لا يحبه .. لا المسيح لا يقدر .. لا... رامي  حقير ... لا .. لا ... لا ...
بدأ رامي  يكره الله ... مع أنه لم يعبر عن ذلك يوماً ... وبدأ يدمن المواقع الجنسية الإباحية ... بدأ يعيش الازدواجية ... فهو أمام الناس الصيدلاني المحترم .. وأمام الكنيسة الشاب المثالي الخادم ... وأمام نفسه ... الحقير!
وأتى عام الانفجار .. عام ألفين وستة. حين دخل رامي  موقعاً إباحياً لبنانياً للشباب الذين عندهم انجذاب مثلي ... والتقى بأحدهم ... وبعد صراع طويل حدث ما تفكرين به ...نعم لقد حدث...
إنها النهاية ... كنت أعيش مع الله خدعة ... الله نفسه خدعة ... أكره الله .. أكره الكنيسة ...
رامي  أنا أحبك حتى بعد أن سقطت ...
لااااا اسكت .. أنت خدعة.
قرر رامي  الابتعاد ... قرر الانفصال عن الله وعن الكنيسة ... وبدأ الإنكار يسقط ... ومع سقوطه بدأ أول شعاع نور يظهر من كومة الظلام التي غطت وبسماكة عشرين عاماً من حياة الشاب المسكين.
الشعاع بدأ مع وجدي  ... الذي كان الشخص الأول الذي وثق رامي  من حبه واهتمامه ... مع وجدي  دخلت معادلة جديدة وغريبة وعجيبة وغير مغشوشة...
أنت تعاني من مشكلة يا رامي  .. ولكنك محبوب ... أنت تعاني من مشكلة يا رامي  وكل منا يعاني من مشكلة مختلفة ... أنت أخطأت يا رامي  ... ولكنك ضحية أيضاً ... أنت سقطت .. ولكن الله يبكي من عرشه عليك ويرغب أن يعلمك القتال لا السحر!

بدأ مشوار التعافي مع وجدي  ودعمه بشكل كبير ...الدكتور أوسم من خلال كتبه ومراسلاته ... ولحبيب الفضل العظيم من خلال احتضانه وإصغائه وبكائه معي ... وديفيد من خلال تواصله الدائم ...

تعليق 7: الفضل الأعظم يكونه لعلاقة  قبول وحب واحتضان  أبوي (غير رومانسي وغير جنسي) خاصة إذا كان الجرح الأساسي من الذكورة قد أتى من الأب.
مشوار التعافي الذي ترافق مع خطوات وجلسات ومجهود وسهر .... وليس صلاة سحرية... ومع هذه الخطوات بدأ الانجذاب للبنات يتطور ...

تعليق 8: القتال لا السحر! عبارة رائعة تعبر عن أن التغيير لا يأتي كما نتصور دائماً في المنظومة الدينية .... التحرير من القيود ... صلاة ركعتين.... إخراج أرواح المثلية! أو السحر في المنظومة السلوكية أو الاجتماعية مثل: الزواج، الجنس مع نساء، مشاهدة نساء عاريات وغيره من الطرق السلوكية التي لا تعالج أصل الداء.

تعلم رامي  أن لغز الحياة يُحل بكلمة الألم ... تعلم رامي  أن الله يمشي معه هذا المشوار بدل من أن يمد عصاه السحرية ... يااااااه إنها طريقته منذ ألفي عام ... فهو لم يأمر الحجارة أن تتحول خبزاً مع أنه كان يستطيع .. لم يأمر بكلمة فتم خلاص البشر بل مشى طريق الألم بكل مافيه حتى الموت في الجلجثة مع أنه كان يستطيع أن يقول كلمة واحدة فتنتهي الحكاية.
تجربة رامي  علمته الكثير يا حنان ... علمته أن يؤمن بالناس ... علمته أن يقترب من البشر الذين يراهم الآخرون في أوضع مكانة .

تعليق 9: الإيمان بالناس والاقتراب من البشر مفتاح التعافي!

تجربة رامي  علمته معنى أن الله يحب ... وعلمته معنى أن يحب نفسه ويحب الآخرين بما تحمل هذا الكلمة من عمق البحار وارتفاع الجبال وضخامة الكون.

تعليق 10: محبة الله التي لا تجعلني أحب نفسي والناس (كل الناس)  ليست محبة إلهية حقيقية!

تجربة رامي  علمته أن التغيير ممكن ... حقيقي ... مؤلم .. طويل ....
تجربة رامي  علمته أن التعافي لا يحدث في ليلة ... وأن السقوط المتكرر لا يعني النهاية ... علمته أنه مع كل سقطة في ملعب الحياة يوجد أيادي كثيرة على مسرح الجمهور تصفق وتهتف انهض .. انهض .. انهض ...

التعليق 11: السقطات والنكسات ضروري أن تحدث ولكن التعامل مع النكسة هو الذي يصنع الفارق
ها هو الله يصفق في سمائه ... هاهو وجدي  يصفق من مصر ... هاهو حبيب يشجع من سوريا ... ها هو .. من؟؟ رااااااامي  أيضاً يشارك في التشجيع ... إنه الوحيد الذي يجلس مع الجمهور للتصفيق وبالوقت ذاته يصارع في الملعب.

التعليق 12: تشجيع النفس هام جداً
تجربة رامي  علمته أن يؤمن بأنه ضعيف ولكنه يقدر أن يفوز في المباراة بفضل جمهوره الرائع وأنه يقدر أن يتكلم ويتميز ويتفوق ليس فقط دراسياً.
والرائع أن هناك جائزة قيمة جداً جداً جداً وثمنها يفوق اللآلئ... هذه الجائزة هي أنت يا حنان ... إنك الجائزة التي سأحملها في قلبي وعلى صدري وبقربي في الجزء الباقي من معركتي والذي سنحاربه معاً حتى نكون مع حبيبنا في مجده إلى الأبد حين سيمسح كل دمعة بكيناها معاً على هذه الأرض.
وحتى يأتي ذلك الوقت أؤمن أنه سيمسح من خلالي وخلالك دموعاً كثيرة لناس تعاني على هذه الأرض ... مثليين ... زانيات ... مغتصبين ... متروكين ... هذه رسالتنا يا شريكة عمري.
سامحيني في الأوقات التي تشعرين بأنني صامت أو مكتئب ... في هذا الوقت أرجو أن تعلمي أن ذكريات الماضي تهاجمني ... وأنني أحتاجك أكثر من أي وقت مضى...
أنا الآن أغفر لأبي من كل قلبي .. لأنه ضحية مثلي .. ولأنني أدرك أن أبي الحقيقي قد غفر لي كثيراً .. وأن صفحتي أمامه بيضاء كالثلج ... منه تعلمت الغفران ... ويشرفني أن أقلده...
الغريب أنني في نهاية رسالتي الطويلة لم أعد أشعر بالخوف... بالعكس أنا أشعر أنني أكثر قرباً منك ...
معاً سنعيش ... لنكمل قصة رامي  وحنان .....
النهاية


 

هناك ٥ تعليقات:

حلم عميق يقول...

اجمل مافي مرحلة التعافي هو الغفران في اخر القصة

العيش بدون كره

نفس معاناتنا

نفس الغصه في الحلق عند حكي القصة

نفس خطواتنا للتعافي

=
نفس النجاح بذاته

مجاهد يقول...

شعرت بالقلق حينما قرأت هذه التدوينة الرائعة لقد رأيت فيها تقصيرى
نعم أنا مقصر

كنت مثلية و الآن مشفية يقول...

I'm speechless

غير معرف يقول...

I don't know what to say but I am happy that u became to be recovered from that problem :S

I am totally sad
what u r saying is nice and can make a path of hope for lots of people but in my case it make me feel worse and I wont be recovered forever till now no cure no improvement feel like that I am not important at lots of people
and when I read these words felt that the problem is in me that I dont want to change and at same time dont want to make something wrong

I know that these words have no place here but I wanted to say my opinion sorry :S

غير معرف يقول...

يمكن تكون قصتى مشابه لتلك القصه واتمنى تكون عندى الشجاعه للمشاركه بها بس اعجبنى جمله التغير ليس بعصا سحريه حتى لو كانت الصلاه
لكن بالقتال والحرب والصلاه احدى الاسلحه مع اسلحه اخرى
اشكرك واتمنى اكتب قصتى

 
google-site-verification: google582808c9311acaa3.html