الجمعة، ١٠ أبريل ٢٠٠٩

طرفيّ السلم مرة أخرى


أظن أننا نحتاج دائماً للعودة لمراجعة هذا المفهوم فهذا هو التحدي الحقيقي في التعافي من الميول المثلية.....


دار هذا الحديث بيني وبين أحد عملائي، فأردت أن أنشره هنا لتعم الفائدة

دائماً ما أشبه التعافي من الميول المثلية غير المرغوبة بقطار يسير على قضيبين أو سلم له "درابزين" مزدوج يجب أن نصعد عليه ممسكين بالناحيتين معاً.

الناحية الأولى هي ناحية .. التبطيل

وهي تتضمن الابتعاد عن مواطن الإثارة ومحاولة تحقيق مدة طويلة من التوقف عن أسلوب الحياة المثلي من خلال قطع العلاقات المثلية و التوقف عن ممارسة الميول المثلية سواء بالفعل أو بالقول أو حتى الخيال. ولتحقيق هذا ينبغي أن نكون صارمين مع أنفسنا في هذا المجال. ولاحظ أنني أقول "قطع العلاقات المثلية" وليس قطع العلاقات مع المثليين. وأقصد بقطع العلاقات المثلية، العلاقات التي تتضمن:

ـ عشق أو رومانسية

ـ إثارة جنسية مثلية

ـ أو حتى علاقات اعتمادية غير ناضجة مع مثليين أو حتى غيريين.

لكن العلاقات الصحية مع المثليين الذين يسيرون مسيرة التعافي في ظل قواعد سليمة وفي النور فهي مفيدة.

- البعض يتساهل و لا يتمسك بهذه الناحية جيداً ويحتفظ بعلاقات كهذه، مع أنه يتكلم عن التعافي ويتشدق به. ما أريد أن أقوله أن مثل هذا الإنسان لا يجب أن ينتظر نجاحاً في تعافيه، بل ينبغي أن يتوقع أن يظل في مكانه ولو ظل يتكلم عن التعافي سنيناً طويلة و مع الوقت سوف يصاب باليأس وفقدان الأمل والإيمان بالتعافي، وذلك لأنه لا يتقدم فيه. والأخطر من ذلك أنه سوف يكون " دعاية سيئة" للتعافي ويتسبب في فقدان الأمل لدى كثيرين أيضاً.

ـ البعض الآخر يظن أن هذه هي الطريقة الوحيدة. ويتعصب ضد المثلية والمثليين ويبالغ في الهجوم على أسلوب الحياة المثلي ويظن أنه إذا فعل ذلك فقط سوف يشفى من المثلية. هذا أيضاً لن يتقدم في تعافيه، لأن الشفاء من المثلية ليس بكراهية المثلية وإنما بمحبة النفس وتنامي الذكورة. التوقف عن السلوك المثلي مفيد ولكنه وحده لا يكفي. والذي يمارس هذا الجانب فقط من التعافي، سوف يحقق فترات من التوقف، ثم لأنه توقف من خلال العنف مع النفس وليس من خلال محبة النفس، سوف يقع إن عاجلاً أو آجلاً. وسوف يتسبب وقوعه في يأس وفقدان الأمل في التعافي وربما العودة للحياة المثلية بكل قوة ويتحول إلى أحد المدافعين عنها (وأظن أن هذا حال كثير من المدافعين الآن). هذا التوقف مزيف وغير طبيعي لأنه ناتج عن جهاد فقط وليس عن جهاد ونمو.

لكي يكون التعافي متوازناً، فإنه يحتاج إلى الناحية الثانية

الناحية الثانية هي ناحية .... التغيير

وأقصد بالتغيير إعادة الإتصال بالنفس وبالذكورة من خلال إعادة الإتصال الوجداني الناضج (غير الرومانسي وغير الجنسي وغير الاعتمادي) مع الذكور سواء من المثليين الذين يسيرون مسيرة التعافي، أو مع الغيريين المحترمين للمثليين. هذا التواصل صعب ويحتاج إلى تدريب لكي لا ننجرف إلى العلاقات الرومانسية أو الجنسية أو الاعتمادية من ناحية، ولكي لا نمارس الإنفصال والابتعاد والتجنب والخوف من ناحية أخرى. وهذا يحتاج إلى بيئة صحية مثل بيئة مجموعات المساندة وإلى قوانين تحترم بصرامة، وأيضاً إلى صراحة وشفافية ومواجهة أمينة وسريعة لأي شبهة تحول إلى العلاقات غير البناءة.

أيضاً من أهم النقاط الصعبة في هذه الناحية هي عمل علاقات بها شفافية مع غيريين، بحيث أن نشاركهم بميولنا المثلية ونتحمل أن نبدو أمامهم على حقيقتنا من حيث النضوج النفسي ومن حيث مستوى الذكورة الأقل. هذا التحمل الشجاع والأمين للحقيقة يجعلنا ننمو. إنكار الحقائق لا يغيرها وإنما مواجهتها.

الهدف من التغيير تنامي محبة النفس والآخرين بطريقة تجعلنا ننمو وجدانياً. تنمو شخصياتنا ومعها تنمو ذكورتنا النفسية وبالتالي يصبح التبطيل ليس فقط جهاد و"حبس نَفَس" وإنما نمو حقيقي فلا نتعافى بكراهية المثلية والمثليين وإنما بتجاوزها كمرحلة من مراحل الحياة كنا فيها أقل نضوجاً.

ـ البعض لا يؤمن بهذه الناحية ويعتبرها صعبة وخطرة وغير مهمة. ويحتفظ فقط بطريقة تجنب المثلية وتجنب المثليين وتجنب الصدق والصراحة والشفافية وهذه أمراض مجتمعاتنا عموماً. أيضاً يتجاهل البعض الجانب الثاني بسبب تاثرهم بالنظرة المجتمعية للجنسية المثلية وهي أنها مجرد سلوك وذنب ومعصية وإذا توقفنا عن ممارسة السلوك، سيكون كل شيء على ما يرام! وهذا غير صحيح مطلقاً!

ـ والبعض يظن أن هذه الطريقة الوجدانية وحدها كافية فلا يعتني بالتوقف عن السلوك، وتحت شعار الحب والعلاقات والتواصل الوجداني يقع في انجذابات مثلية وربما علاقات مثلية ولا يواجهها فلا يحقق شيء أيضاً في مجال التعافي.

إننا يا أصدقائي نحتاج إلى السير مممسكين بطرفي الدرابزين حتى لا نقع ونواصل المسيرة الصاعدة إلى النضوج والتغيير. ذلك لأن كثيرين يصعدون وينزلون معنا على نفس السلم، والنازلون أكثر من الصاعدين. من مكث مدة في مجموعات المساندة قد رأى أن البعض كان معنا ولكن فقد الأمل في المسيرة، وإذا لم نمسك جيداً بطرفي السلم فسوف ننزل مع النازلين. لأننا إذا تركنا يداً غير ممسكة بالسلم، سوف يدفعها النازلون معهم فنتعثر ونقع.

أرجو أن أكون واضحاً وأرجو أن يعيننا الله جميعاً أن نعمل ما نعرف أنه الحق!

هناك ٥ تعليقات:

مجاهد يقول...

قرأت المقالتين
وربنا يعينى إنى أوصل لدرجات من التعافى بشكل شامل...
وانا أقرأ مقالتك الأفكار عماله تطير على دماغى...
أنا فين من التعافى؟
أنا حققت إيه؟
وما حققتش إيه؟
ايه اللى بنيته فى شخصيتى وايه اللى محتاج اضيفه فى شخصيتى او اشيله من شخصيتى؟
إيه اللى قدرت أغيره من واقع حياتى؟
"محتاج مثلا اتقرب من ابويا قدرت اعمل خطوات لده؟"
أو أبتديت أحقق ذاتى؟
وإيه اللى ماقدرتش أغيره
ياترى واجهت ألامى بما فيه الكفايه؟
--------------------------------
أنا ماشى فى التعافى كويس جدا بس
بطمح فى أحسن واحسن واحسن لان برده فى تقصير منى
بس مانكرش ان أنا أحسن كتير بفضل الله من لما ارجع كده ورا تمان شهور ياااه فظيع...
وبرده مانكرش حتى وانا فى طريق التعافى بلاقى ثغرات ومشكلات يمكن حتى ماكنتش ملاحظهاوده جميل ان اكتشف فى نفسى الشىء السلبى وطبعا الايجابى معاه
ومانكرش انى بقع بس مش شرط يكون الوقوع انى مثلا مارست ممارسه مثليه"عاده سريه او نت"
لكن بحس بضعف وكأنى وقفت عند نقطه معينه او مش قادر أمشى والاحساس المثلى بيزيد..
--------------------------------
الحمد لله

Dr. Awsam Wasfy يقول...

صديقي أنت على الطريق. أهم شيء أنك تتقدم للأمام وتلاحظ الفرق عندما تنظر للخلف. النقطة الهامة هي التواصل مع الذكور. الجنسية المثلية ليست هي ممارسة الجنس مع نفس الجنس هذا ثانوي. أساس الجنسية المثلية هو الانفصال الوجداني عن النفس والآخرين وبالأخص الأشخاص من نفس الجنس. كلما تواصلت مع مشاعرك وألمك وتحملته ولكما تواصلت مع الذكور، كلما "كبرت على" الجنسية المثلية!

كنت مثلية و الآن مشفية يقول...

مشوار طويل اوى .. بس بيبدأ بخطوة

jonoon 3aqel يقول...

جميل..
أريد اضافة شئ اذا ممكن...

من كم جلسه فاتت مع طبيبتي كنا بنتكلم عن المثليه و التخلص منها بشكل عام..
فقلت للطبيبه بخصوص العلاج انه...
" أسلوب حياة"..

بعد ما خرجت..صراحة...فزعني التعبير اللي استعملته..لأن حسيت اني هفضل أقاوم طول عمري..لكن لما جلست افكر..و جدت انه فعلا اسلوب حياه..لكن ليس بالرعب اللي تصورته..و مثال على ذلك..
الخيالات...
قبل سلوك الطريق كان ممكن استغل اي فرصه و اقضي الوقت ف الخيالات...
و بعد الطريق قاومت لفتره هذه الخيالات حتى اني اصبحت الان و لله الحمد..حتى لو كنت في مرحلة ضعف او سقوط...لا تكون هناك خيالات ابدا..إلا ما ندر..
بمعنى آخر...اسلوب الحياة يصبح طبيعة بالنسبة لي...

مش عارف انا ليه بقول الكلام ده هنا..يمكن له علاقة " بالدرابزين" الاول تبع الدرج...

حبيت أشكرك..و اتمنى لك كل خير و تقدم..

تحياتي

حسام يقول...

بالنسبه ليا ساعات بمر بلحظات ضعف بحس فيها اني خلاص مش قادر اكمل رغم ان ممكن اكون محقق فترة تبطيل كويسه ومش مضغوط فيها..بس ببدا الموضوع بالنسبه ليا بفكره في اوقات كتير باقدر اني اقاومها بسهوله بس في اوقات تانيه بلاقي نفسي ضعيف جدا ومعدوم الاراده الشعور ده بيسببلي حاله من الاكتئاب كاني بدور في دائره مغلقه..طبعا الحمد لله لما ببص انا كنت في وبقيت في ايه بحس بالفرق بس برده لسه في حاجات كتير ناقصاني.

 
google-site-verification: google582808c9311acaa3.html